بقلــم/ يبات علي فايد
أسمرا “Asmara”باللغة التجرينية تعني الغابة المزهرة، نسبة لنضرتها وكثرة أزهارها، ترتفع تلك اللؤلؤة التي تزدان بها هامة المرتفعات الإرترية الشامخة 8000 قدم على مستوى البحر الأحمر، وهي مدينة الجمال التي سار بحسنها الركبان وتغنى بطيبة أهلها المغنون وترنم بسحر جمالها الشعراء، وتاهت في حبها شعوب وشعوب مما جعلها قبلة للكثير الكثير من السياح المعجبين، ومطمعا للكثير الكثير من الساسة الطامعين، تمتاز مدينة أسمرا الجميلة بذلك الطقس المعتدل طوال العام، حيث لا وجود بتاتاً للمراوح وأجهزة التكييف، وهذا بالطبع يعني وجود سخانات المياه بمعظم البيوت والفنادق، كما توجد ببعض المنازل والمحال أجهزة للتدفئة ثم المعمار ذو الطراز الإيطالي، حيث نجد معظم الزخرفات هي عبارة عن تماثيل تضاهي في فتنتها وجمالها مدينة روما الإيطالية، ولا عجب في ذلك إذا علمنا تأثر أهالي أسمرا بالمستعمر الإيطالي، حتى على مستوى المسميات إلى الوقت الراهن، "جيرا فيوري" أي دوار الزهور أو صينية الزهور، ومنها شارع كمشتاتو الشهير بوسط أسمرا ومعنى كمشتاتو بالإيطالية يعني المدينة.
تتفرد أسمرا عن العواصم الإفريقية بصفات عزَّ وجودها في زماننا هذا حتى في بعض العواصم الأوربية حيث تتسم بالأمن والأمان، وهي بالتأكيد صفة ملازمة لكل مدينة إرترية، فالسائح آمن على نفسه وماله، علي مدار الساعة لا فرق بين ليل ونهار أو مكان ومكان ومما يلفت الانتباه في أسمرا النظافة والنظام.
ولعل مسجد الخلفاء الراشدين، والكاتدرائية الكاثوليكية من المعالم التي تستوقف الزائر بل وتدعوه للعودة إليهما أكثر من مرة؛ للاستمتاع بهاتين التحفتين من بالطراز المعماري التركي في المسجد، والإيطالي في الكاتدرائية.
أدهشتني ساعات العمل، حيث يبدأ العمل عند السادسة صباحًا، لتغلق، كل المصالح الحكومية بلا استثناء، وجميع المحال تقريبا إلا ما شذَ، حتى ليكاد يتوقف نبض المدينة فيما يعرف بـ "فادوس" أي استراحة الثانية عشرة ظهراً، وتستمر إلى الثانية حيث تعاود المدينة نشاطها، من جديد، وتدب الحياة في أرجائها مرة أخرى لينتهي الدوام الحكومي عند السادسة، بينما تستعد المدينة لبداية يومها الحافل الحافل، فترى الناس يتوافدون على وسط العاصمة إما راجلين، أو على "الأتوبيس"، تلكم البصات الجميلة والتي تتسم بوجود بعض الواقفين عليها في غير كثرة مخلة، وتكثر في تلك الساعة حركة التاكسي الأصفر في موديلاته حديثة.
أهم أحياء أسمرا وأجملها: "اسبيس"، "دا جرمن" "كزبندا طليان"، "بارجما"، ولعل حي "أبا شاول" يكون على النقيض من هذه الأحياء، وهو الحي الذي لا يعد زائر أسمرا قد زارها إن لم يطف بـ" أبا شاول" "وقد أعود من الحانوت يتبعني شاو مشل شلول شلشل شول".
أما أهم المقاهي وأرقاها فنجدها على شارع كمشتاتو، الشارع الأكبر والأشهر والأجمل على على الإطلاق في تلك المدينة الساحرة، وهذه المقاهي تتسم بطابع المقاهي الأوروبية ومن أهمها: "أسمرا سويت كافي"، "بار أميركا"، "بار تكو"، "كرستيال هوتيل".
فندق "كونتانينتال" والذي استبدل اسمه بـ" أسمرا بالاس"، يعد من أجمل الفنادق، يليه ميديانا، وسارانا، نيالا ، الأسكلا...
وبأسمرا ستة دور للسنما في وهي: "سنما أودين"، "سنما إمبرو"، "سنما أسمرا"، سنما دانتي"، "سنما كابيتال"، "سنما أفريقا"، ومعظم العروض التي تعرض بتلك الدور هي عروض محلية.
المهتمون بالتاريخ والتراث سيجدون ضالتهم في "بيت مزحفتي" أي المتحف الوطني الإرتري، ذلك المكان الذي يحكي عن تراث القوميات الإرترية التسعة، والمتمثلة في: التجري، التجرنية، النارا، الكناما، الحدارب، الساهو، البلين، الرشايدة، العفر. إضافة إلى تاريخ النضال الإرتري عبر الحقب انتهاءً بالثورة الإرترية الحديثة ونضالها ضد اثيوبيا حتى لحظة الاستقلال المجيد في 24/مايو1991.